التفكير الطائفي والمنصات الرقمية وتأثيرها على المجتمع العراقي بعد عام 2010

الملخص

يهدف هذا البحث إلى تحليل العلاقة المعقدة والجدلية بين صعود المنصات الرقمية (وسائل التواصل الاجتماعي، المدونات، القنوات التلفزيونية الفضائية والرقمية) وتعميق ظاهرة التفكير الطائفي في المجتمع العراقي في الفترة التالية لعام 2010، والتي شهدت تحولات سياسية واجتماعية عميقة، ولا سيما بعد انسحاب القوات الأمريكية وبروز أزمة داعش.

توصل البحث إلى عدة نتائج جوهرية، أهمها: أن المنصات الرقمية قد عملت كـ "ساحة طائفية معولمة"، حيث ساهمت في تعزيز الانحياز التأكيدي وتكريس العزلة المعلوماتية داخل جماعات طائفية مغلقة. أصبحت هذه المنصات أداة فعالة للنخب السياسية والفاعلين الخارجيين لبث خطاب الكراهية وتزييف الوعي الجماعي وتأجيج الصراع الهوياتي، مستغلة حالة الانقسام المجتمعي والفراغ الأمني والقيمي. لاحظ البحث أيضًا ازدواجية دور هذه المنصات؛ فبينما ساهمت في إذكاء النزعة الطائفية، فإنها وفرت كذلك مساحات لحوارات مضادة ونقد الذات ونشاطات لمبادرات التصالح المجتمعي، وإن كان تأثيرها محدودًا مقارنة بالخطاب الطائفي المهيمن. كما يخلص البحث إلى أن المنصات الرقمية لم تخلق التفكير الطائفي من العدم، بل عملت كمضخم ومُعَجِّل له، مستفيدة من ترسبات تاريخية وبنى سياسية طائفية قائمة.

This research aims to analyze the complex and dialectical relationship between the rise of digital platforms, social media, blogs, satellite and digital television channels, and the deepening of sectarian thinking in Iraqi society in the period following 2010. This period witnessed profound political and social transformations, particularly after the withdrawal of US forces and the emergence of the ISIS crisis.

The research reached several key findings, most notably that digital platforms have served as a globalized sectarian arena, reinforcing confirmation bias and entrenching informational isolation within closed sectarian groups. These platforms become an effective tool for political elites and external actors to disseminate hate speech, distort collective consciousness, and fuel identity conflicts, exploiting societal divisions and the security and value vacuum.  The research also noted the dual role of these platforms. While they fuel sectarianism, they also provided spaces for constructive dialogue, self-criticism, and social reconciliation activities, albeit with a limited impact compared to the dominant sectarian discourse.

The research concludes that digital platforms did not create sectarian thinking out of thin air, but rather acted as an amplifier and accelerator, exploiting historical legacies and existing sectarian political structures.